فصل: خربندا بن أرغو.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خربندا بن أرغو.

ولما هلك قازان ولي بعده أخوه حربندا وابتدا أمره بالدخول في دين الإسلام وتسمى بمحمد وتلقب غياث الدين وأقر قطلوشاه على نيابته ثم جهزه لقتال الكرد في جبال كيلان وقاتلهم فهزموه وقتلوه وولى مكانه جوبان بن تدوان وأقام في سلطانه حسن الدين معظما للخلفاء وكتب أسماءهم على سكته ثم صحب الروافض فساء اعتقاده وحذف ذكر الشيخين من الخطبة ونقش أسماء الأئمة لاثني عشر على سكته ثم إنشأ مدينة بين قزوين وهمذان وسماها السلطانية ونزلها واتخذ بها بيتا لطيفا بلبن الذهب والفضة وأنشأ بازائها بستانا جعل فيه أشجار الذهب بثمر اللؤلؤ والفصوص وأجرى اللبن والعسل أنهارا وأسكن به الغلمان والجواري تشبيها له بالجنة وأفحش في التعرض لحرمات قومه ثم سار إلى الشام سنة ثلاث عشرة وعبر الفرات ونزل الرحبة ورجع ثم هلك ويقال مات مسموما على يد بعض أمرائه سنة ست عشرة والله تعالى أعلم.

.أبو سعيد بن خربندا.

ولما هلك خربندا خلف ابنه أبا سعيد طفلا صغيرا ابن ثلاث عشرة سنة فاستصغره جوبان وأرسل إلى أزبك ملك الشمال بصراي يستدعيه لملك العراقين فحذره نائبه قطلقتمر من ذلك وبايع جوبان لأبي سعيد بن خربندا على صغره وبدأ أمره بقتل أبي الطيب رشيد الدولة فضل الله بن يحيى الهمذاني المتهم بقتل أبيه فقتله وكان مقدما في العلوم وسريا في الغاية وله تاريخ جمع فيه أخبار التتر وأنسابهم وقبائلهم وكتبه مشجرا كما في كتابنا هذا وكان جوبان يومئذ بخراسان يقاتل عليها سيول بن براق بن سنتف بن ماسان بن جفطاي صاحب خوارزم أغراه أزبك صاحب الشمال بخراسان وأمده بعساكره وكان جوبان موافقا له فلما هلك خربندا طمع سيول في الاستيلاء على خراسان وكاتب أمراء المغل بدولة أبي سعيد رغبهم فأطمعوه فسار جوبان إلى الأردن ومعناه بلغتهم والمخيم وانتهى إلى أبي سعيد خبر أمرائه فقتل منهم أربعين ورجع جوبان إلى خراسان سنة ثمان عشرة وقد استولى سيول عليها وعلى طائفة من عراق العجم وبعث إليه أزبك صاحب الشمال نائبه قطلتمر مددا في العساكر فلقيهم جوبان وكانت بينهم وحروب وانتزع جوبان ما ملكه سيول من بلاد خراسان وصالحه على ما بقي ورجع ثم سار أزبك ملك الشمال إلى مراغة فأغار عليها وغنم ورجع وأتبعه جوبان في العساكر فلم يدركه وهلك سيول سنة عشرين وارتجع أبو سعيد ما كان بيده من خراسان وكان أزبك صاحب الشمال ينقم على أبي سعيد استبداد جوبان عليه وتحكمه في بني جمكزخان ويحرض أهل النواحي على جوبان ويتوقع له المهالك وأوصل الملوك في النواحي للمظاهرة على جوبان وسلطانه أبي سعيد حتى لقد صاهر صاحب مصر على مثل ذلك ولم يتم الصلح لأبي سعيد معه كما مر في أخبارهم وجهز أزبك العساكر سنة عشرين لحرب جوبان فحاصرهم المدني بنهر كوزل الذي في حدود ملكهم فرجعوا ثم جهز جيشا آخر مع قطلقتمر نائبه وكان جوبان نائب أبي سعيد قد ولى على بلاد الروم ابنه دمرداش فزحف سنة إحدى وعشرين إلى بلاد سيس وافتتح منها قلاعا ثلاثا وخربها وبعث إلى الملك الناصر يطلب المظاهرة في جهاد الأرمن بسيس فبعث السلطان عساكره سنة اثنتين وعشرين ومعهم من المتطوعة عدد وحاصروا سيس ثم انعقد الصلح سنة ثلاث وعشرين بعدها بين الملك الناصر وبين أبي سعيد واستقامت الأحوال وحج أكابر المغل من قرابة أبي سعيد ملك التتر بالعراقين واتصلت المهاداة بينهما وسار نائبه جوبان سنة خمس وعشرين إلى خراسان في العساكر وقد زحف إليه كبك بن سيول فجرت بينهما حروب وانهزم جوبان واستولى كبك على خراسان ثم كبسه جوبان فهزمه وأثخن في عساكره وغلبه على خراسان فعادت إلى ملكة أبي سعيد وبينما جوبان مشتغل بتلك الفتنة والحروب في نواحي خراسان إذ بلغه الخبر بأن السلطان أبا سعيد تقبض على إبنه خواجا دمشق فلما بلغه الخبر بذلك انتقض وزحف إليه أبو سعيد فافترق عنه أصحابه ولحق بهراة فقتل بها سنة ست وعشرين وأذن أبو سعيد لولده أن ينقلوا شلوه إلى تربته التي بناها بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ونقلوه فلم يقدر دفنه بها وتوقف أمير المدينة على أذن السلطان بمصر في ذلك فدفن بالبقيع ولما بلغ خبر جوبان لابنه دمرداش وهو أمير ببلاد الروم انزعج لذلك ولحق بمصر فيمن معه من الأمراء والعساكر وأقبل السلطان الملك الناصر عليه وأحله محل التكرمة وجاءت على أثره رسل أبي سعيد يطلب حكم الله فيه لسعيه في الفساد والفتنة وأجابه السلطان إلى ذلك على أن يفعل مثل ذلك في قراسنقر النازع إليهم من أمراء الشام فأمضى ذلك فيهما جزاء بما قدمت أيديهما ثم تأكدت أسباب المواصلة والالتحام بين هذين السلطانين بالأصهار والمهاداة واتصل ذلك وانقطع زبون العرب وفسادهم بي المملكتين وهلك السلطان أبو سعيد سنة ست وثلاثين ولم يعقب ودفن بالسلطانية واختلف أهل دولته وانقرض الملك من بني هلاكو وافترقت الأعمال التي كانت في ملكهم وأصبحت طوائف في خراسان وفي عراق العجم وفارس وفي أذربيجان كله في عراق العرب وفي بلاد الروم كما نذكر ذلك والله وارث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون.